الحق في التعليم يقتضي وجود معلمين مؤهلين

رسالة مشتركة بمناسبة اليوم العالمي للمعلمين من المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي، والمدير العام لمنظمة العمل الدولية غاي رايدر، والمديرة التنفيذية لليونيسف هنرييتا هولسمان فور، ومدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي آخيم شتاينر، والأمين العام للاتحاد الدولي للمعلمين دافيد إدواردز.

بيان | ٠٥ أكتوبر, ٢٠١٨
© Liang Qiang / World Bank
يندرج التعليم في عِداد حقوق الإنسان الأساسية، وكذلك في عِداد المنافع العامة. ويغير التعليم مجرى الحياة عن طريق تحقيق وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ويعزز التعليم السلام والتسامح والإدماج الاجتماعي. وهو عامل حاسم في القضاء على الفقر. ويتيح التعليم للأطفال والشباب الانتفاع بقدراتهم وطاقاتهم الكامنة على أكمل وجه.

ويحرم الأطفال مع ذلك من الحق في التعليم في أماكن كثيرة بسبب نقص عالمي في عدد المعلمين المؤهلين الذين يملكون الخبرة اللازمة، ولا سيما في عدد المعلمات في البلدان المنخفضة الدخل. ويزيد عدد الأطفال والشباب غير الملتحقين بالمدارس في جميع أرجاء العالم في الوقت الحاضر على 263 مليون طفل وشاب على الرغم من تزايد فرص و سبل التعليم بوجه عام. ويبلغ عدد الأطفال والشباب الذين لا يتقنون المهارات الأساسية للقراءة والكتابة والحساب 617 مليون طفل وشاب، وهو عدد هائل ومذهل، إذ يعادل زهاء 60 في المائة من الأطفال والشباب على الصعيد العالمي. ويكون الأطفال الأشد فقرا وتهميشاً، ومنهم الأطفال القاطنون في المناطق المتضررة من النزاعات، أكثر الأطفال عرضة إما لعدم الالتحاق بالمدارس أو لارتياد المدارس في ظروف لا تتيح لهم سوى تعلم النزر اليسير من المهارات والمعرفة التي ينبغي عليهم أن يتعلموها.

وتدعو خطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي ألتزم المجتمع الدولي بتحقيقها، إلى تعميم التعليم وتمكين الجميع من الانتفاع به في مرحلة الطفولة المبكرة، وكذلك في مرحليتي التعليم الابتدائي والثانوي. ويجب علينا، إذا ما أردنا بلوغ هذه الغاية، العمل على زيادة فرص التعليم الجيد المتاحة لجميع الأطفال والشباب، والقضاء على التمييز في جميع مراحل التعليم، وتحسين نوعية التعليم ونتائجه، ما يتطلب تعزيز الإمداد بالمعلمين المؤهلين وزيادة عددهم على الصعيد العالمي زيادة كبيرة، إذ يبلغ عدد المعلمين الإضافيين اللازمين وفقاً للتقديرات 69 مليون معلم.

ويعبر موضوع اليوم العالمي للمعلمين لعام 2018 ، وهو "الحق في التعليم يقتضي وجود معلمين مؤهلين"، عن هذه الحقيقة. ويعبر أيضاً عما ينص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اعتمد قبل 70 عاماً، والذي أقرت فيه أمم العالم بأن التعليم حق من حقوق الإنسان الأساسية. ونود اليوم تذكير الحكومات والمجتمع الدولي بأهمية صون هذا الحق عن طريق الاستثمار في المساعي الرامية إلى إعداد قوة عاملة فعالة في مجال التدريس في جميع البلدان، ومنها البلدان المتضررة من النزاعات. ويقتضي ضمان إعداد جميع الأطفال إعدادا يتيح لهم التعلم وتبوأ مكانتهم في المجتمع إعداد المعلمين وتدريبهم ودعمهم بصورة فعلية وفعالة تمكنهم من اكتساب القدرات والمهارات اللازمة لتلبية احتياجات جميع الطلاب، ومنهم أشد الطلاب تهميشاً.

ولكِنْ يعيق النقص في عدد المعلمين المؤهلين المساعي الرامية إلى توفيّ التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع، ولا سيما في البلدان التي يسودها الفقر وتعصف بها الأزمات الطويلة الأمد، وفي المناطق التي يتزايد فيها عدد الشباب تزايداً سريعاً. وكثيرا ما تقوم السلطات التربوية باستخدام أفراد غير مؤهلين تأهيلاً كافياً أو غير مؤهلين إطلاقاً، أو بتخفيض مستوى متطلبات التأهيل، سعياً إلى تلبية الطلب على المعلمين الجدد. ويطلب من بعض المعلمين تدريس مواد لم يتلقوا الإعداد التربوي اللازم لتدريسها. وتتضمن التدابير المتخذة لمواجهة النقص في عدد المعلمين المؤهلين في البلدان المنخفضة الدخل زيادة حجم الصفوف زيادة كبيرة تعود بعواقب وخيمة على نوعية التعليم، وتؤدي إلى تفاقم أعباء العمل الملقاة على كاهل المعلمين.

ويؤدي هذا الأمر إلى إيجاد نزعة إلى استخدام أقل المعلمين خبرة بموجب عقود قد تكون مؤقتة، وبدون إعداد أو تدريب قبل مباشرة الخدمة أو خلالها، لتعليم الأطفال الذين يعانون من أشد درجات التهميش والاستبعاد. وقد لا يكون المعلمون الموجودون والمستعدون للعمل في الأماكن التي تسودها أوضاع الطوارئ أو الأزمات مؤهلين لتلبية الاحتياجات المعقدة للأطفال المستضعفين الذين يضطرون إلى الفرار من منازلهم بسبب نزاعات مسلحة أو أعمال عنف أو كوارث طبيعية، ولا سيما احتياجات الفتيات.

ولا يرى الكثير من الناس حتى الآن أن مهنة التدريس مهنة مقدرة حق قدرها على الرغم من الإقرار الواسع النطاق بدور المعلمين الحاسم في توفير التعليم الجيد للجميع. ويعيق تدني مكانة مهنة التدريس الجهود الرامية إلى توظيف واستبقاء المعلمين في البلدان الغنية والفقيرة على حد سواء. ويجب على الحكومات والشركاء في مجال التعليم التصدي لهذا الأمر عن طريق اتخاذ إجراءات جريئة لتحسين نوعية برامج إعداد المعلمين الجدد وبرامج تدريب المعلمين العاملين. ويجب إعداد المعلمين إعداداً أولياً جيداً، وتدريبهم تدريباً فعلياً لمباشرة المهنة، وتمكينهم من الانتفاع بفرص لتنمية القدرات المهنية تنمية عالية الجودة من أجل تحسين مهاراتهم طوال مسيرتهم المهنية. ويجب على الجهات المعنية أن تبين للناس أنها تقدر مهنة التدريس حق قدرها عن طريق دفع رواتب لائقة للمعلمين في جميع مراحل التعليم وتحسين ظروف عملهم.

وإننا لنؤكد مجدداً في هذا اليوم العالمي للمعلمين، إذ نحتفل بمساهمات المعلمين المهمة في تحسين أحوال الأطفال والشباب في جميع أرجاء العالم، التزامنا بالسعي إلى تعزيز الإمداد بالمعلمين المؤهلين وزيادة عددهم على الصعيد العالمي. ونحث الحكومات وهيئات المجتمع الدولي كافة على الانضمام إلينا في هذا المسعى لتمكين جميع الأطفال والشباب، بغض النظر عن أحوالهم وظروفهم، من التمتع بحقهم في التعليم الجيد وفي مستقبل أفضل.