كلمة د. ربا جرادات، المدير الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية لمؤتمر العمل العربي - الدورة 47

يسلط الخطاب الضوء على الحاجة إلى استراتيجية متعددة الجوانب في منطقة الدول العربية للتعافي من آثار جائحة كوفيد -19.

بيان | ٠٥ سبتمبر, ٢٠٢١
©م.ع.د.

كلمة د. ربا جرادات، المدير الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية
مؤتمر العمل العربي - الدورة 47
القاهرة – 5 سبتمبر/أيلول 2021

معالي السيد محمد سعفان، وزير القوى العاملة في جمهورية مصر العربية، رئيس المؤتمر،
سعادة المدير العام السيد فايز المطيري،
أصحاب المعالي وزراء العمل،
أصحاب السعادة ممثلو العمال وأصحاب العمل،
الزملاء الكرام،

مقدمة


إنه لمن دواعي سروري أن أنضم إليكم في الدورة 47 من مؤتمر العمل العربي، وأن أجتمع بكم شخصياً بعد أشهر طويلة أجبرتنا على التباعد والتواصل عبر المنصات الإلكترونية.

ان التحديات التي خلّفتها هذه الجائحة قد رمت بثقلها على اقتصادات وأسواق عمل منطقتنا، وفي هذا السياق، يأتي التقرير القّيم الذي يقدمه سعادة المدير العام السيد فايز المطيري ليقدم رؤية عملية للتعافي من تأثيرات الجائحة على سوق العمل العربي، وإعادة البناء والتقدم إلى الأمام بشكل أفضل.

لا شك ان هكذا استراتيجية تستكمل الجهود المبذولة في المنطقة وتضيف على الإنجازات التي حققتها بلدان منطقتنا في العامين المنصرمين في ظل جائحة كورونا والأزمات المتعددة التي واجهت المنطقة.

أود هنا أن أشكر منظمة العمل العربية والمجموعة العربية على مشاركتها القيمة في أول مؤتمر عمل دولي افتراضي في تاريخه، في تموز من هذا العام، والذي تضمن مناقشات مكثفة حول تأثير جائحة فيروس كورونا على عالم العمل وكيفية ضمان تعافي شامل محوره الإنسان.

كانت إحدى أهم نتائج المؤتمر اعتماد النداء العالمي للعمل من أجل التعافي من الجائحة، يعطي الأولوية لخلق وظائف لائقة للجميع ويعالج أوجه عدم المساواة التي تسببها الأزمة.

ديناميات سوق العمل واتجاهاته في العالم والمنطقة العربية


تشير أحدث تقديرات منظمة العمل الدولية الى ان الازمة الناتجة عن تفشي فيروس كورونا ادت الى تدني ساعات العمل بنحو 9% عالميا، اي ما يساوي خسارة 255 مليون وظيفة بدوام كامل. يساوي هذا الرقم أربع اضعاف خسارات ساعات العمل نتيجة الازمة المالية العالمية عام 2008.

بالنسبة لعالم العمل في المنطقة العربية
قبل أزمة كوفيد-19، كانت معدلات البطالة في المنطقة العربية هي الأعلى في العالم، لا سيّما بين النساء والشباب، وقد بلغ عدد الأفراد العاطلين عن العمل 14.3 مليون في العام 2019.

في ظل هذه الواقع الصعب، جاءت أزمة كوفيد-19 لتفاقم المشاكل التي تواجهها أسواق العمل العربية. فوفقًا لنموذج "التنبؤ الآني" لمنظمة العمل الدولية، انخفضت ساعات العمل في المنطقة العربية بنحو 9.6 في المائة في عام 2020 (اي ما يعادل 11 مليون وظيفة بدوام كامل)، مقارنةً لحالة ما قبل الأزمة، أي الربع الرابع من عام 2019.

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 39 مليون فرد في المنطقة كانوا يعملون في قطاعات حددتها منظمة العمل الدولية على أنها قطاعات تضررت بشدّة، وبالتالي، يواجه هؤلاء العمال خطر خسارة وظائفهم، او انخفاض أجورهم و / أو ساعات عملهم.

للأسف، كانت منطقتنا بشكل عام من بين أقل المناطق استعدادًا للوباء، حيث كانت العديد من البلدان بالفعل في حالات هشاشة شديدة وأزمات متفاقمة قبل اندلاع الجائحة. وقد كشفت الجائحة عن فجوات كبيرة في أنظمة الحماية الاجتماعية، إذ بحسب تقرير الحماية الاجتماعية العالمية الذي أصدرته منظمة العمل الدولية منذ بضعة أيام، فإن 4 فقط من كل 10 أشخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يتمتعون بتغطية فعالة في مجال واحد على الأقل من الحماية الاجتماعية ، وهو أقل بكثير من المتوسط العالمي.

السياسات المطلوبة

في ظل هذه التحديات المتفاقمة، تحتاج الدول العربية الى مجموعة من التدابير والسياسات والتدخلات التي تهدف ليس للإستجابة الى الأزمة الحالية فحسب بل أيضاً لمعالجة الشوائب القائمة والموجودة أصلاً في أسواق العمل العربية.

بالتالي، ما نحن حقيقةً بحاجة اليه هو نهج ذا شقين، يقوم من ناحية على مواجهة التحديات الراهنة لازمة كوفيد-19 من خلال عدد من التدخلات الطارئة، فيما يهدف من ناحية أخرى الى زيادة الجهود لبناء سياسات اقتصادية واجتماعية وسياسات سوق عمل فعالة في المديين المتوسط والبعيد.

ويمكن ذلك من خلال وضع سياسات مستقاة من الإطار الذي وضعته منظمة العمل الدولية للإستجابة للأزمة.

على الدول العربية العمل معا ايضاً على تحقيق تعافي اقتصادي عادل في المنطقة العربية من خلال تقديم المساعدة للدول التي لا تملك الموارد المالية الكافية.

كذلك، تدعو منظمة العمل الدولية جميع الدول في المنطقة العربية الى بذل الجهود المتسقة بهدف تحقيق النداء العالمي للعمل من أجل التعافي من جائحة والمضي قدماً بالتعافي دون التخلي عن اي شخص.

 انجازات منظمة العمل الدولية والتحسينات التي أجرتها بلدان منطقتنا في العامين المنصرمين


لقد ثابرت منظمة العمل الدولية على مهمتها في العامين الماضيين وكيّفت برامجها ومشاريعها لدعم الحكومات والشركاء الاجتماعيين في استجابتهم لأزمة كوفيد -19 بالإضافة إلى الأزمات المتعددة التي واجهت المنطقة العربية. أود أن أقدم بعض النتائج التي تم تحقيقها في عامي 2020 و2021، والتي ساهمت في إحراز التقدم في البلدان العربية في عالم العمل منذ أن اجتمعنا في 2019. وهي أكثر من أن نذكرها بصورة شاملة هنا، ولكني أود التنويه إلى بعض أهم ما تحقق من إنجازات.

في الأردن

بلغ عدد المستفيدين من مشاريعنا في المملكة ما يناهز ال 40,000 مستفيد.
واود ان اشيد هنا باعتماد الأردن تشريع رقم 90/2009 الخاص بالعمال المنزليين، وتشريع رقم 63/2020 الخاص بوكالات الاستقدام، إضافة إلى تشريعات جديدة لحماية الأمومة وتزويد الأمهات العاملات بمخصصات نقدية.

في الإمارات العربية المتحدة

نستمر بالعمل مع دولة الامارات ضمن اطار حوار ابوظبي لتطوير سياسات العمالة والدراسات المساندة، وأيضا في دعم قطاع التعاونيات.

في البحرين

نهنئ مملكة البحرين على إصدار القرارات الوزارية رقم 50 و 51 و 52 لعام 2020 لتنظيم عمل المرأة وتعزيز مبادئ المساواة في عالم العمل.
وكذلك القرار الوزاري بشأن نظام حماية الأجور، وتطوير أحكام قانون العمل في القطاع الخاص.

في المملكة العربية السعودية

نشيد باعتماد المملكة "السياسة الوطنية للقضاء على والوقاية من عمل الأطفال". وهي أول دولة في المنطقة العربية تصادق على بروتوكول رقم 29 من اتفاقية العمل الجبري.
كذلك نشير إلى تطوير نموذج وسياسة وطنية حول السلامة والصحة المهنية ومسودة السياسة الوطنية للمساواة، والتصديق على اتفاقية النظافة (التجارة والمكاتب) رقم 120، وأيضا التصديق على اتفاقية رقم 95 لحماية الأجور
كما نشيد بإطلاق "مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية" التي تصلح نظام الكفالة.

في سوريا

يتركّز عمل المنظمة على دعم نظام تفتيش العمل الوطني وإعادة تأهيل وإدماج الأطفال المتورطين في أسوأ أشكال عمل الأطفال، حيث تم الوصول إلى أكثر من 900 طفلاً في أربع محافظات مستهدفة.

 في العراق

فقد افتتحنا مكتبنا الأول في بغداد في عام 2020 تزامناً مع إطلاق البرنامج الوطني للعمل اللائق. ونجحنا في زيادة ميزانية التعاون الإنمائي لدينا من صفر إلى 40 مليون دولار في غضون عام.
ونشيد بتصديق العراق على اتفاقيتي منظمة العمل الدولية، رقم 184 حول السلامة والصحة في الزراعة، ورقم 185 بشأن وثائق هوية البحارة.

في عمان

نستمر بالعمل مع الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لصياغة استراتيجية سياسة شاملة لإصلاح وتعزيز الضمان الاجتماعي . ونهنئ السلطنة على خطة التأمين ضد البطالة.

في الأرض الفلسطينية المحتلة

تدعم منظمة العمل الدولية فلسطين من خلال برنامج العمل اللائق، وفي هذا الإطار قد تمّ اعتماد وإطلاق استراتيجية التشغيل الوطنية الفلسطينية الأولى 2021-2025.
واستجابةً لرغبة فلسطين والمجموعة العربية وكما ذكر معالي الدكتور نصري أبو جيش، ينوي المكتب الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية، عقد اجتماع للمانحين في جنيف خلال شهر آذار/مارس العام المقبل، بهدف تسليط الضوء على الاستراتيجية وتأمين الموارد المطلوبة لتنفيذها.

في قطر

فإننا نهنئ دولة قطر على تفكيك نظام الكفالة، بما في ذلك إلغاء الحاجة إلى تأشيرات خروج العمال واعتماد قانون يسمح للعمال بتغيير أصحاب العمل دون موافقة صاحب العمل.
كما نشيد بالتشريعات الجديدة لحماية العمال من الإجهاد الحراري.
وايضا اعتماد قانون حد أدنى للأجور غير تمييزي وتعزيز نظام حماية الأجور،
واعتماد سياسة تفتيش العمل وسياسة السلامة والصحة المهنية،

في الكويت

احتفلنا مع شركائنا بثمار نتائج أول برنامج وطني للعمل اللائق في الكويت. وأنتهز هذه الفرصة لأشكر دولة الكويت على دعمها الدائم والمستمر لفلسطين من خلال مخصصات سنوية لدعم تنفيذ مشاريع برامج العمل اللائق في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

في لبنان

ومنذ ما يقرب من 18 شهرًا، وكما ذكرت معالي وزيرة العمل الأستاذة لميا يمّين، يتعرض لبنان لأزمات متفاقمة، من أزمة اقتصادية ومالية حادة، تلاها انفجار مرفأ بيروت.
وقد وقفت منظمة العمل الدولية مع هيئات الأمم المتحدة الأخرى للاستجابة السريعة لهذا الوضع.
كما وفرت المنظمة فرص عمل قصيرة الأجل لـ 5600 مستفيد في برنامج الاستثمار المكثف في التوظيف، ولكن الشعب اللبناني بحاجة لدعم أكبر بكثير للخروج من أزمته المتفاقمة، باذن الله.

وفي اليمن

دعمت منظمة العمل الدولية تطوير الإطار الاستراتيجي للتعليم الفني والتدريب المهني
كما تم بناء قدرات الجهات الفاعلة على إعادة دمج الجنود الأطفال ومنع استخدامهم وتجنيدهم، حيث تم تدريب أكثر من 1800 من الأطفال والشباب

وفي الختام، أود الإشادة بجهود منظمة العمل العربية في القيادة ودعم الحكومات والشركاء الاجتماعيين في المنطقة خلال جائحة فيروس كورونا والأزمات المتعددة التي واجهت المنطقة. وستواصل منظمة العمل الدولية مشاركتها لمنظمة العمل العربية في تعزيز أجندة العمل اللائق في المنطقة.

 أتمنى لكم نقاشات مثمرة طوال هذا المؤتمر،
وشكراً لحسن إصغائكم.