منظمة العمل الدولية تحتفل مع الشركاء الاجتماعيين في لبنان بمئوية المنظمة

في احتفال برعاية رئيس الجمهورية اللبنانية، احتفل المكتب الإقليمي للدول العربية لمنظمة العمل الدولية بمئة عام على تأسيس المنظمة.

Press release | 02 April 2019
© م ع د
بيروت (أخبار م ع د) – برعاية رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشل عون، وتحت عنوان "100 عام من الدفع قدما بالعدالة الاجتماعية و تعزيز العمل اللائق"، احتفلت منظمة العمل الدولية بمرور 100 عام على تأسيسها. وأقام المكتب الإقليمي لمنظمة العمل الدولية في الدول العربية يوم الثلاثاء 2 نيسان 2019 بإحياء هذه المناسبة باحتفال في فندق الفينيسيا في بيروت.

منظمة العمل الدولية هي أولى منظمات الأمم المتحدة التي تحتفل بمئويتها، وقد تم افتتاح المكتب الاقيليمي للدول العربية في عام 1976 في بيروت. و تتميز المنظمة بتوظيف منظومة ثلاثية تتألف من الحكومات ومنظمات العمال ومنظمات أصحاب العمل في الدول الأعضاء، وتهدف إلى تحفيز العمل المشترك من أجل وضع معايير دولية وسياسات وبرامج تنهض بالعدالة الاجتماعية وبالعمل اللائق في مختلف أنحاء العالم.

وتضمن برنامج احتفال المنظمة بمئويتها مشاركات من عدد من شركاء المنظمة في لبنان، حيث ألقت المدير الإقليمي للدول العربية في المنظمة الدكتورة ربا جرادات كلمة ترحيبية تلتها كلمات لكل من الدكتور فادي الجميّل رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين عن أصحاب الاعمال، الدكتور بشارة الاسمر، رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان كلمة عن العمال، السيد فيليب لازاريني المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان، وزير العمل الاستاذ كميل أبو سليمان ممثلا الرئيس. وحضر الاحتفال  النائب عاصم عراجي ممثلا رئيسي مجلس النواب والوزراء.

واختتم الحفل بفقرة غنائية من وحي المناسبة من أداء الفنانة الشيرة عبير نعمة وفرقتها الموسيقية، حيث قدمت عرضا بصوتها المميز تضمن إغاني تتماشى مع عمل المنظمة المتمثل في تعزيز العدالة الاجتماعية والعمل اللائق، وكذلك عدد من الأغاني اللبنانية التقليدية.

جرادات:
وفي بداية الحفل، رجبت جرادات بالحضور، مؤكدة أن هذا الحدث يتعلق بلبنان وشركائه الاجتماعيين وشعبه، بقدر ما يتعلق بمنظمة العمل الدولية، لأننا نحتفل بالجهود والإنجازات المشتركة للعمال وأصحاب العمل والحكومة بالاشتراك مع منظمة العمل الدولية للنهوض بالعدالة الاجتماعية وتعزيز العمل اللائق.

واجرت عرضا تاريخيا لنشأة المنظمة وتطويرها وانضمامها عام 1946 الى منظمة الامم المتحدة، متحدثة ايضا عن البدايات في لبنان عام 1966 وعن تداعيات الحرب عليه عام 1982 ما ادى الى اتخاذ قرار  بنقل العمليات من بيروت إلى مقر المنظمة في جنيف بصورة مؤقتة حتى اعيد فتحه عام 1995.

جرادات لفتت الى ان لبنان علمهم ان المثابرة هي السبيل الوحيد نحو النجاح وأن الشراكة الحقيقية مهمة للغاية أثناء الأوقات العصيبة.

وتطرقت الى الصعوبات التي يمر بها لبنان جراء ازمة النازحين والتي يتضرر منها بشكل كبير الشباب والفئات المهمشة، مشيرة الى ان الشركاء الاجتماعيين ومنظمة العمل الدولية وقعت على أول برنامج وطني للعمل اللائق في لبنان عام 2018 بهدف مواجهة تحديات النزوح ودعم لبنان في ترسيخ مقومات العمل اللائق وفي توفير فرص العمل الضرورية كماً ونوعاً.

وكشفت ان هذا البرنامج يشكل نهجاً شاملاً يسعى إلى إصلاح حوكمة العمل، رسم سياسات تخلق فرص عمل إنتاجية، وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية بحيث يشمل الجميع.
أبو سليمان:

اكد الوزير أبو سليمان ان هناك عملا كثيرا يجمع وزارة العمل ومنظمة العمل الدولية والجهات المعنية الاخرى، مشددا على ضرورة تعديل قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي وتفعيل قانون ضمان الشيخوخة. وتوقف عند اهمية خلق فرص عمل للبنانيين والاستفادة من "سيدر" لنجاح ذلك، من خلال التنسيق مع الجهات المانحة.

أبو سليمان تطرق ايضا الى "طريقة التعامل مع العاملات الاجنبيات"، كاشفا عن البحث بتعديل  "قانون الكفالة" بعد الاستعانة بخبرات بعض المنظمات الدولية.

وتحدث ممثلا الرئيس عون، ناقلا تحيات فخامة الرئيس للشركاء في العمل والمسؤولية. وهنأ المنظمة على  مرور قرن على تأسيسها، قائلا: "مئة عام نجحت فيها المنظمة بالاستمرار رغم الصراعات والحروب والانقسامات الدولية، مئة عام شهدت تغيراً كبيراً في مفاهيم العمل وانماطه وحقوق العمال الاساسية واجراءات السلامة والصحة المهنيتين ووضع المعايير الدولية الخاصة على شكل اتفاقيات وتوصيات، مئة عام من تراكم الخبرات لدى المنظمة التي هي رأس حربة في تأمين كرامة العامل وحقوقه ومكافحة جميع انواع التمييز وتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان حرية العمل النقابي".

واعتبر ان "منظمة العمل الدولية" نجحت في ترسيخ نفسها كركيزة اساسية من منظومة الامم المتحدة، الفريدة بوصفها منظمةٌ ثلاثية التكوين، بتعزيز الشراكة بين الحكومات وأصحاب العمل والعمال، مشيرا الى ان "هذه الشراكة يجب ان تكون دوماً ايجابيةً وتكافؤيةً وتكاملية، إذ إن الحكومات وجدت لخدمة مواطنيها العمال، واصحاب العمل لا يمكن لهم الاستمرار والتقدم من دون العمال كما ان العمال يخسرون فرصهم ان لم يكن هناك اصحاب عمل يستثمرون".

أبو سليمان اكد ان لبنان هو عضوٌ مؤسسٌ وفعّالٌ في منظمة الأمم المتحدة وملتزمٌ مواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان لذا تجسّد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقوق والمجالات من دون استثناء، لافتا الى ان لبنان يفخر بعضويته في منظمة العمل الدولية منذ عام 1948، وهو مصممٌ دائماً على الوفاء بإلتزاماته بموجب أتفاقيات العمل الـ51 التي صدّق عليها إيماناً منه بالقيم السامية التي تقوم عليها المنظمة وحرصاً على حقوق العمال الأساسية التي من دونها لا يمكن الحديث عن التنمية المستدامة.

وعوّل على تعزيز التعاون بين الدولة اللبنانية عبر وزارة العمل ومنظمة العمل الدولية ومكتبها الاقليمي للدول العربية في بيروت خصوصاً في ظل التحديات التي يمر بها لبنان جراء ازمة النزوح السوري التي تلقي بثقلها وارتفاع نسبة البطالة وانخفاض النمو، مثمنا التعاون المثمر بين لبنان ومكتب المنظمة الأقليمي في بيروت عبر البرامج القائمة ومن بينها: البرنامج الوطني للعمل اللائق(2017-2020)، مسح الأوضاع المعيشية للقوى العاملة والأسر في لبنان لعام 2017، مشروع الهجرة العادلة الإقليمي في الشرق الأوسط، مشروع القضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال.

وتابع: "في هذا الاطار، بدأت كوزير عمل البحث مع المنظمة في كيفية تعزيز سبل التعاون على مشروع تعديل قوانين العمل وتوحيدها وكذلك الاستفادة من الدراسة الاكتوارية لقانون الضمان الاجتماعي. ونتطلع  الى اعلان المئوية بشأن مستقبل العمل الذي سيصدر هذا العام في مؤتمر العمل الدولي في دورته الثامنة بعد المئة في جنيف".

لازاريني:
اعتبر لازاريني ان العمالة المنتجة والعمل اللائق عنصران رئيسيان لتحقيق عولمة عادلة والقضاء على الفقر، مشيرا الى ان تامين العمل اللائق عنصر أساسي في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، وموضحا ان الهدف رقم 8 من الخطة  يدعو إلى تعزيز النمو الاقتصادي وإلى العمالة الكاملة والمنتجة والعمل اللائق.

ولفت الى ان هذا لن يكون سهلا  في عدد من البلدان كلبنان الذي يمر بضغط غير مسبوق على الاقتصاد وركود بسبب الازمة السورية، ما يصعب على الحكومة المثقلة بالديون الخروج من هذا الوضع.

لازاريني سلط الضوء على بعض الفئات التي يجب ان تنال اهتماما خاصا في لبنان، ابرزها الشباب اللبناني الذي يواجه تحديا كبيرا بسبب عدم توفر فرص العمل وارتفاع معدلات البطالة ما يفسر رغبتهم في الهجرة. كما علق على الفجوة بين الجنسين في سوق العمل والتي تعد من بين أكبر الفجوات في العالم حيث يوجد ثلث النساء فقط في سن العمل في سوق العمل، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ 50%.

كذلك تطرق لازاريني الى مسالة عاملات المنازل ونظام الكفالة الحالي، موضحا ان هذا النطام يعمل اليوم على إنشاء علاقة سلطة غير متكافئة بين أرباب العمل والعمال المهاجرين ما يجعلهم عرضة للسخرة.
وركز على ملف "مكتومي القيد" لان هؤلاء الاشخاص يقضون حياتهم تحت الرادار  من دون الحصول على ادنى حقوقهم من تعليم وعمل لائق ومزايا اجتماعية اخرى، مضيفا: "وفقًا للقانون اللبناني، لا يمكن نقل الجنسية إلا عن طريق الأب. ولكن أيضًا ، إذا فشل الأب في تسجيل طفله في غضون عام يصبح الاخير غير موجود قانونيًا في الدولة. لذا  من المهم مراجعة الإطار القانوني لمعالجة محنة نحو  30000 شخص من أصل لبناني يعيشون في لبنان من دون هوية لبنانية".

لازاريني توقف عند مشاريع "CEDRE" والالتزامات التي يمكنها ان تعزز الاندماج الاقتصادي، موضحا ان تأثير هذه المشاريع محدود على الفقر وعدم المساواة إذا لم تكن مصحوبة بتدابير تعالج نقاط الضعف في سوق العمل وتشمل الفئات الضعيفة والمهمشة.

وختم بالاشارة الى اهمية وضع سياسات عمل لتعزيز ظروف العمل اللائق ودعم توظيف الرجال والنساء في المجتمعات الضعيفة وتحسين نظم الحماية الاجتماعية لضمان الاندماج الاجتماعي والاقتصادي والنمو المستدام.

الأسمر:
ذكر رئيس الاتحاد العمالي العام بان هذه المنظمة هي الوحيدة من وكالات الأمم المتحدة التي تضم ممثلي العمال وأصحاب العمل جنباً الى جنب مع الحكومات في تمثيلها واتخاذ قراراتها، مشيرا الى انه رغم التحديات الكبرى التي ألقيت على عاتقها  الا انه صدر عنها المئات من الاتفاقيات والتوصيات والدراسات القيّمة وأنشأت لها مكاتب إقليمية فاعلة، ومنها المكتب الإقليمي للدول العربية في بيروت عام 1976 الذي أعيد افتتاحه بعد نهاية الحرب عام 1995.

وركز على نقاط أساسية ثلاثة يعتبرها من أبرز المهمات المطروحة في لبنان للعمل على إنجازها، وهي: أولا، العمل من أجل إعادة الاعتبار للعقد الاجتماعي الذي يشمل الحقوق الإنسانية في الوصول إلى التعليم والحصول على العمل اللائق والرعاية الصحية والاجتماعية وضمان الشيخوخة والسكن والنقل والبيئة النظيفة وسوى ذلك من أساسيات الحياة. ثانيا، توفير الحماية الاجتماعية الشاملة من الميلاد إلى الشيخوخة من خلال إرساء أرضية للحماية الاجتماعية توفر مستوى أساسياً من الحماية لكل محتاج خصوصاً في مجالي الصحة والبطالة بما في ذلك إنشاء صندوق للبطالة. كذلك إرساء ضمانة شاملة للعمال بصرف النظر عن ترتيبات تعاقدهم أو وضع استخدامهم وبحقوق أساسية للعمال وأجور معيشية كافية.

ثالثا، ضمان التمثيل الجماعي للعمال وأصحاب العمل من خلال الحوار الاجتماعي المتكافئ كمصلحة عامة – يجري الترويج لها بما يمكّن العمال من التمتع الكامل بالحرية النقابية والحق بالمفاوضة الجماعية.
وختم بالتاكيد ان التعاون بين الاتحاد العمالي العام والمكتب الإقليمي للدول العربية في بيروت يشهد المزيد من التقدم في عدد من المجالات الحيوية الأساسية ومن أهمها المساعدة التي أسدتها المنظمة بتقديم الدراسة الاكتوارية لمشروع التقاعد والحماية الاجتماعية والتي باتت ملكاً لأطراف الإنتاج واللجنة النيابية المختصة.

الجميل:
رأى الجميل ان "منظمة العمل الدولية" لعبت دورا اساسيا ومحوريا في صناعة الاستقرار العالمي والانساني، اذ ركزت جهودها على معالجة المشكلات التي واجهت سوق العمل والتي كانت سببا لتوترات اجتماعية واقتصادية في بعض البلدان. وتحدث عن التعاون بين جمعية الصناعيين ومنظمة العمل الدولية في مشاريع عدة، ابرزها "مشروع تمكين المراة في العمل والادارة" والعمل لوضع قانون عصري للضمان الاجتماعي.

الجميل لفت الى ان الاقتصاد اللبناني يعاني من مشكلة بنوية اساسية وهي قدرته على استيعاب الشباب الذي يرغب في دخول سوق العمل سنويا، ما يضع اطراف الانتاج الثلاثة امام تحدٍ استراتيجي، داعيا "منظمة العمل الدولية" ابراز ضرورة تفعيل القطاعات النتاجية امام المسؤولين اللبنانيين والمؤسسات الدولية. وشدد على اهمية اطلاق مشاريع تخلق فرص عمل، مشيرا الى  ان جمعية الصناعيين حريصة على ذلك وقد وضعت ورقة عمل حول لبننة العمالة في لبنان تاخذ بعين الاعتبار امورا كثيرة ابرزها حصر الاعمال لغير اللبنانيين بتلك التي لا يقوم بها اللبنانييون".

واعتبر ان واقع لبنان الذي ينعم بطاقات بشرية مبدعة يفرض اعادة النظر في خلق منظومة اقتصادية جديدة ترتكز على الانفتاح والتواصل مع العالم كله وعلى تحفيز الاقتصاد اللبناني، لافتا الى انه من المعيب الا يتعدى الناتج الوطني 52  مليار دولار اي ما يقارب 12000 دولار للفرد.

وختم بالقول: "منذ 5 سنوات كان ديننا العام لا يتعدى 55 مليار دولار، اما اليوم فقد وصل الى 85 مليار دولار اي بزيادة اكثر من 30 مليار دولار، مما يسمح بالتأكيد انه لو قمنا بتحصين القطاعات المنتجة في حينه لكان وضعنا افضل بكثير مما نحن نتخبط فيه اليوم".