التمييز في الاجور بين الجنسين في الأردن: دعوة للتغيير

تعمل منظمة العمل الدولية مع الحكومة الأردنية وشركائها الاجتماعيين للمساعدة في تضييق فجوة الأجور بين الرجال والنساء.

مقالة تحليلية | ٢٣ مايو, ٢٠١٣
عمّان (أخبار م.ع.د) – عندما طلبت المدرّسة الأردنية أميرة* من مديرها زيادة في الراتب رفض طلبها، وبعد بضعة أشهر سرّحها من العمل.

تقول أميرة: "كانت الأسباب الرسمية التي قُدمت لإقالتي واهية. أنا متأكدة من أنهم يريدون معاقبتي لأني طلبت أجراً عادلاً مقابل عملي".

تعمل بنان* في شركة إعلامية وتشكو من أن راتبها أدنى من رواتب زملائها الرجال الذين يؤدون نفس عملها بثلاثين في المائة على الأقل.

تقول بنان: "منح الجميع زيادة في الراتب، لكن زيادة راتبي لم تتجاوز ثلاثة في المائة بينما بلغت الزيادة التي حصل عليها الموظفون الرجال سبعة في المائة. وعندما ذكرت هذا التفاوت لمديري في العمل قال لي إنه كان متعمداً، وأن مكان المرأة المتزوجة هو في المنزل مع أطفالها."

تلقي هذه القصص الضوء على التمييز الذي تواجهه كثير من النساء في سوق العمل الأردني - على الرغم من أن الأردن قد صادقت على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 100 بشأن المساواة في الأجور، والاتفاقية رقم 111 بشأن التمييز (في الاستخدام والمهنة).

فجوة واسعة في الأجور

يتقاضى الرجال العاملون في القطاع الخاص الأردني رواتب تزيد بمعدل 41 في المائة على رواتب نظيراتهم من النساء. وتبلغ هذه الزيادة نحو 28 في المائة في القطاع العام. وتشير الأرقام الرسمية إلى أن الفجوة في الأجور تبلغ 41.3 في المائة في قطاع الصناعات التحويلية، 27.9 في المائة في قطاع الصحة والعمل الاجتماعي، و24.5 في المائة في قطاع التعليم.

يمتد التمييز أيضاً إلى الإعانات من غير الراتب كالتأمين الصحي وتعويض النفقات والتي ليست متاحة لكثير من العاملات. علاوة على ذلك، لا يعطي كثير من أصحاب العمل إجازة الأمومة، مما يضطر النساء إلى أخذ فترات راحة طويلة من العمل، تؤدي بهم إلى التخلف عن نظرائهم الرجال في الرواتب والترقيات.

تقول أسماء خضر الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة: "التمييز في الأجور مشكلة اجتماعية لأن المجتمع لا يرى مساهمة المرأة في سوق العمل بنفس مستوى أو أهمية مساهمة الرجل".

وقد عملت منظمة العمل الدولية مع وزارة العمل بشأن مسألة المساواة في الأجور منذ عام 2010. وثمرة لهذا التعاون، تشكلت في 2011 لجنة توجيهية وطنية للإنصاف في الأجور تضم ممثلين عن الحكومة واللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، والنقابات، والجمعيات المهنية، وأصحاب العمل، وجماعات المجتمع المدني، ومراكز بحوث المرأة ووسائل الإعلام.

تسعى اللجنة إلى تعزيز مبدأ تساوي أجور العمال والعاملات عند تساوي العمل، واتخاذ زمام المبادرة في وضع وتنفيذ خطة عمل للمساواة في الأجور.

تقول ريم أصلان، المستشارة المحلية في منظمة العمل الدولية في الأردن في مجال المساواة في الأجور: "يشجع تعزيز اللجنة للمساواة في الأجور مشاركة المرأة في سوق العمل بشروط عادلة".

تغيير التشريعات

لقد قامت اللجنة بمراجعة القوانين الوطنية الأردنية، وأجرت، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، دراسة معمقة تناولت الفجوة في الأجور بين الجنسين في قطاع التعليم الخاص في الأردن. ووجدت الدراسة أن رواتب الرجال تزيد عن رواتب النساء بمعدل 41.6 في المائة في المدارس الخاصة وبمعدل 23.1 في المائة في الجامعات الخاصة.

كما ذكرت الدراسة أن الاختلافات جاءت نتيجة لعدد من العوامل مثل تقاليد الاستخفاف بوظائف ومؤهلات المرأة، والعوامل الاجتماعية والثقافية وغياب القوانين الوطنية.

وتعتقد عبير الأخرس من نقابة المعلمين الأردنيين أن ضعف الوعي بهذه القضية هو جزء من المشكلة.

"المرأة نفسها أحياناً لا تعرف حقوقها القانونية، وتقبل بأي شيء. وتكون المؤسسة نفسها أحياناً هي المسؤولة عن التفاوت بين الذكور والإناث، لأنها تعتقد أن الرجل هو المعيل الوحيد لذلك يدفعون له أكثر".

وتقول الحكومة إنها عازمة على معالجة هذه المسألة.

ويقول الأمين العام لوزارة العمل حمادة أبو نجمة إن "زيادة مشاركة المرأة وتعزيز مكانتها في سوق العمل، وتحسين فرصها يعتبر أولوية كبيرة للوزارة".

ويقول ماهر المحروق، مدير غرفة صناعة الأردن: "ثمة حاجة للتغيير".

"تعتبر هذه الفجوة في الأجور غير مقبولة من وجهة نظر القطاع الخاص، ولاسيما القطاع الصناعي. نحن نسعى، في ضوء الدستور وقانون العمل، للوصول إلى مستوى عادل ومنصف للجميع من حيث الأجر. المهم هو الإنتاجية بغض النظر عن نوع الجنس".

وقد أوصت اللجنة التوجيهية الوطنية للإنصاف في الأجور بتغييرات يجب إجراؤها في التشريعات الوطنية لتعزيز مبدأ تساوي أجور العمال والعاملات عند تساوي العمل. واستضافت اللجنة ندوة حول هذه القضية في عمان يوم 19 أيار/مايو.

تقول ريم أصلان من منظمة العمل الدولية: "من المهم أن يعمل جميع أصحاب المصلحة معاً للضغط على المشرعين لتعديل التشريعات الوطنية. ويجب تشجيع أصحاب العمل على اعتماد جداول مرتبات محايدة لا تفرّق بين الجنسين، كما ينبغي دعم النقابات في المفاوضة الجماعية وتشجيع المرأة على التفاوض والمطالبة بإنصافها في الأجر".

* ليس اسمها الحقيقي