الضمان الاجتماعي في البلدان العربية

امرأة مسنة في الأرض الفلسطينية المحتلة تعبئ سنابل القمح في آلة الفرز
©منظمة العمل الدولية
على الرغم من الاعتراف الواسع بالحاجة إلى الحماية الاجتماعية، لا يزال حق الإنسان الأساسي في الضمان الاجتماعي غير مضمون لنسبة كبيرة من سكان العالم، بما في ذلك الدول العربية. وثمة اعتراف متزايد بأن تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية ذات قاعدة عريضة ومستدامة يستلزم توزيع عوائد النمو الاقتصادي بطريقة أكثر فعالية وإنصافاً، وأنه لا غنى عن توفير حماية أكثر فعالية من الفقر. ويحتل تعزيز الحماية الاجتماعية صلب هذا الاعتراف: يجب تطوير التدخلات للمساهمة في تعزيز أمن الدخل، ونتائج التعليم والصحة، تماماً كما فعلت بلدان أخرى في العالم.

ويتعين على جميع الدول العربية بذل مزيد من الجهود لضمان استمرار الحماية الاجتماعية كآلية لا غنى عنها للتضامن الاجتماعي، تقوم على مبادئ الشمول في الوصول والمساواة في مجال التمويل (مع مراعاة قدرات المساهمة) والمزايا (حسب الاحتياجات). تتعاون منظمة العمل الدولية تعاوناً وثيقاً مع شركائها في الهيئات الثلاثية لمواجهة التحديات، ودعمهم في تبني أنظمة حماية اجتماعية تشاركية تقوم على الحقوق وتحقق السلام والازدهار في المنطقة.

الحماية الاجتماعية في البلدان العربية

على الرغم من أن معظم بلدان المنطقة أنشأت برامج ومؤسسات للضمان الاجتماعي في العقود الماضية، فإن التغطية الفعالة للضمان الاجتماعي لا تزال بعيدة المنال: معظم برامج التأمين الاجتماعي لا تغطي سوى العاملين في القطاعين العام والخاص بعقود منتظمة، في حين تستثنى فئات أخرى من التغطية، مثل العاملين في الاقتصاد غير المنظم وهو قطاع ضخم. ويتمتع العاملون في القطاع العام عموماً بمزايا ضمان اجتماعي أكبر من نظرائهم في القطاع الخاص، وهذا يشكل تهديداً للاستدامة المالية لأنظمة الضمان الاجتماعي في العديد من بلدان المنطقة، ويمثل عائقاً أمام حركية سوق العمل. كما أن المعدلات المرتفعة نسبياً للعمل غير المنظم، وانخفاض مشاركة الإناث في سوق العمل، وارتفاع مستويات البطالة تسهم في عدم كفاية معدلات تغطية الضمان الاجتماعي، ولا سيما للنساء.

لقد طبقت بلدان عدة تدابير لمواءمة أنظمة الحماية الاجتماعية مع الواقع المتغير في عالم العمل، من خلال تبني منافع تأمين الأمومة والبطالة على سبيل المثال، وكذلك توسيع نطاق التغطية لفئات معينة من العاملين لحسابهم. ومع ذلك، فإن تلك التدابير لم تمض بما فيه الكفاية لضمان تغطية شاملة ومستويات كافية من المنافع. وتميل برامج الضمان الاجتماعي إلى التركيز على توفير المعاشات التقاعدية ولا تغطي المخاطر الأخرى كالبطالة أو الأمومة أو المرض، أو تغطيها تغطية جزئية فقط. كما أن عدم وجود آليات ملائمة لضمان الحماية المالية لحصول المواطنين الأكثر ضعفاً على الرعاية الصحية يمثل مصدر قلق كبير في معظم الدول العربية.

بالإضافة إلى ذلك، يولّد عدم الاستقرار السياسي المستمر وكذلك آثار النزوح الداخلي، وأزمات الصراع، ضغطاً كبيراً على أنظمة المساعدة الاجتماعية والضمان الاجتماعي الحالية، مما يدعو إلى تجديد الجهود لحشد دعم المنظمات الإنسانية والإنمائية لعملية تأسيس أنظمة حماية اجتماعية شاملة. ويجري عموماً استثناء العمال المهاجرين، الذين يمثلون نسبة كبيرة من القوى العاملة في المنطقة، من الأشكال المناسبة للضمان الاجتماعي والمساعدة الاجتماعية.

وبدلاً من أنظمة الحماية الاجتماعية الشاملة، تقدم معظم الدول العربية دعماً لبعض السلع (وخاصة الوقود والغذاء). ومع أن هذا الدعم يغطي فئات سكانية واسعة، فإنه لا يفيد الفئات الأكثر ضعفاً بشكل كافٍ ويعتبر غير مجدٍ أبداً من حيث التكلفة. وفي إطار جهود إصلاح نظام دعم السلع، تعمل بلدان عدة على تجديد وتوسيع أنظمة المساعدة الاجتماعية القائمة على النقد. ولكن هذه التحويلات النقدية وبرامج شبكات الأمان لا تقوم غالباً على الحقوق وهي محدودة من حيث النطاق والتغطية والمنافع.

برامج منظمة العمل الدولية في البلدان العربية

تعمل منظمة العمل الدولية بنشاط على تعزيز السياسات، وتدعم البلدان لمساعدتها في توسيع نطاق الحماية الاجتماعية المناسبة لجميع أفراد المجتمع. يشمل الضمان الاجتماعي الوصول إلى الرعاية الصحية وتأمين الدخل، خاصة في حالة المسنين أو البطالة أو المرض أو العجز أو إصابات العمل أو الأمومة أو فقدان أحد مصادر الدخل الرئيسية.

وتعتمد استراتيجية منظمة العمل الدولية في توسيع نطاق الحماية الاجتماعية على الاستراتيجية ثنائية الأبعاد التي اعتمدتها الدورة 100 لمؤتمر العمل الدولي في عام 2011. ويهدف هذا النهج ثنائي الأبعاد إلى التنفيذ السريع لبرامج الحماية الاجتماعية الوطنية التي تقدم ضمانات اجتماعية أساسية بحصول الجميع على الرعاية الصحية الأساسية وتأمين الدخل على الأقل في الحد الأدنى المحدد وطنياً (البعد الأفقي)، تماشيا مع توصية برامج الحماية الاجتماعية، 2012 (رقم 202) ، والتحقيق التدريجي لمستويات حماية أعلى (البعد العمودي) في أنظمة ضمان اجتماعي شاملة وفقاً لاتفاقية الضمان الاجتماعي (المعايير الدنيا)، 1952 (رقم 102) .

برامج الحماية الاجتماعية هي مجموعات محددة وطنياً من الضمانات الاجتماعية الأساسية التي توفر حماية تهدف إلى منع أو تخفيف حدة الفقر والضعف والاقصاء الاجتماعي. ويجب على هذه الضمانات في الحد الأدنى أن تضمن لجميع المحتاجين الحصول على الرعاية الصحية الأساسية وتأمين الدخل الأساسي مدى الحياة.

ويجب أن تتضمن برامج الحماية الاجتماعية الوطنية على الأقل الضمانات الاجتماعية الأربع التالية، وفق تعريفها على المستوى الوطني:
  1. الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية بما فيها رعاية الأمومة؛
  2. تأمين الدخل الأساسي للأطفال بما يسمح بالحصول على الغذاء والتعليم والرعاية وأي سلع وخدمات أساسية أخرى؛
  3. تأمين الدخل الأساسي للأشخاص في سن العمل وغير قادرين على كسب دخل كاف، ولا سيما في حالات المرض والبطالة والأمومة والإعاقة؛
  4. تأمين الدخل الأساسي لكبار السن.
يجب تقديم هذه الضمانات لجميع المقيمين وجميع الأطفال، على النحو المحدد في القوانين والأنظمة الوطنية ووفق الالتزامات الدولية المعمول بها.

بعد إدخال برامج الحماية الاجتماعية في عام 2009، كان المكتب الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية في طليعة مشاريع الحماية الاجتماعية في المنطقة. ويتضمن عمل منظمة العمل الدولية حالياً:
  • خدمات استشارية فنية للهيئات الثلاثية لمنظمة العمل الدولية في الدول العربية في مجالات الحماية الاجتماعية، بما فيها القضايا المالية والموضوعات القانونية، في سياق السياسات الوطنية لضمان الاستدامة المالية والاقتصادية لأنظمة الحماية الاجتماعية.
  • العمل مع الهيئات الثلاثية والصناديق الوطنية للضمان الاجتماعي في لبنان من أجل إصلاح نظام تعويض نهاية الخدمة في نظام التقاعد، وكذلك تقديم الحماية الاجتماعية لذوي الإعاقة وتغطية الرعاية الصحية لعمال القطاع غير المنظم.
  • العمل على توليد أدلة تفيد المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي في الأردن عند توسيع نطاق تغطية الضمان الاجتماعي ليشمل العاملين غير المسجلين في الاقتصاد غير المنظم، وتنفيذ اللوائح المتعلقة بتوسيع نطاق التغطية ليشمل العاملين بدوام جزئي، وتوثيق أثر برنامج الأمومة في المؤسسة والنظر في زيادة تغطيته.
  • العمل مع الهيئات الثلاثية في الأرض الفلسطينية المحتلة للتوصل إلى اتفاق على مسودة جديدة لقانون الضمان الاجتماعي ومؤسسة الضمان الاجتماعي الفلسطينية ولتأسيس برنامج وطني للحماية الاجتماعية.
  • تقديم خدمات استشارية مالية وقانونية للعراق لإصلاح نظام الضمان الاجتماعي للعاملين في القطاع الخاص.
المناطق المشمولة: الدول العربية، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، العراق، الأردن، الكويت، لبنان، عُمان، قطر، المملكة العربية السعودية، الجمهورية العربية السورية، اليمن، الأرض الفلسطينية المحتلة.